Saturday, December 5, 2009

حقيقة ما تفعله أمريكا

نهضة مصر ( الخميس 17 مارس 2005 ) راجي عنايــت

اعترافات قنّاص اقتصادي أمريكي

أمريكا تستخدم القروض
في خداع الشعوب الفقيرة

ثلاث خطوات تعتمد عليها الولايات المتحدة في فرض نفوذها على العالم، و بناء الإمبراطورية الأمريكية، منذ منتصف القرن الماضي : الطليعة التي تتكوّن من جيش القناصة الاقتصاديين، و عندما يفشل القناصة يأتي دور أباء آوى التابعين لأجهزة المخابرات، و تكون الخطوة الثالثة و الأخيرة عند عدم تحقّق الهدف المنشود هي الغزو العسكري
هذا هو بعض ما يعترف به القنّاص الاقتصادي القديم جون بيركينز، في الحديث الذي أجرته معه آمي جودمان، في إذاعة الديموقراطية الآن
كان التساؤل الأول، حول معنى الاصطلاح الغريب، اصطلاح " القنّاص الاقتصادي"، قال بيركينز: القنّاص الاقتصادي يقوم بما هو مدرّب عليه، و وظيفتنا هي المساهمة في بناء الإمبراطورية الأمريكية .. و أن نجلب لمؤسساتنا و لحكومتنا ما نستطيع أن نوفّره، و أن نخلق الأوضاع التي تحقق أكبر قدر من الموارد لخزينة البلاد .. و الحق أننا كنّا نحقق نجاحا كبيرا في هذا المجال .. لقد ساهمنا في بناء أكبر إمبراطورية في تاريخ العالم، من خلال التلاعب الاقتصادي، و الغش، و التزوير، و من خلال إغواء الناس من خلال التلويح لهم بطريقتنا في الحياة

أكثر أجهزة التجسس غموضا

و يحكي جون بيركينز قصة دخوله إلى ذلك العالم الغريب، فيقول أنه قد تم تجنيده في أواخر الستينيات، عندما كان يدرس في مدرسة الأعمال، بواسطة " وكالة الأمن القومي "، و التي يصفها بأنّها أكبر منظمات الجاسوسية في البلاد، و أكثرها غموضا . لكنه كان يعمل بشكل علني و رسمي مع إحدى شركات القطاع الخاص . و سنعرف أن السر في هذا هو إبعاد الإدارة الأمريكية عن مسئولية عواقب العمليات الفاشلة أمام الرأي العام العالمي، و الداخلي أيضا
و هنا، يجدر بنا أن نتوقّف قليلا ـ و نحن نرفع جانبا من ستار التخفّي السميك ـ لنرى طبيعة النظام الأمريكي، و المخطط الاستغلالي الذي يختفي وراء جميع الشعارات العظيمة التي يكثر الرئيس بوش ترديدها هذه الأيام .. لنرى المصدر الحقيقي للغنى الفاحش الذي يتيح لأمريكا كل ما تطمع فيه من أدوات السيطرة على شعوب العالم، بالقول أو المال أو السلاح
و نعود إلى حديث جون بيركينز، الذي يقول أن أوّل قنّاص اقتصادي أمريكي كبير، ظهر في بداية الخمسينيات، هو كيرميت روزفلت، الذي نجح في الإطاحة بالحكومة الإيرانية المنتخبة ديموقراطـيا، حكوة مصدّق، الذي ظهر على غلاف
مجلة تايم باعتباره رجل العام . و يستطرد بيركينز قائلا " لقد نجح في فعل ذلك دون إراقة دماء.. و الحقيقية أنه كانت هناك بعض الدماء المراقة، و لكن دون تدخّل عسكري .. فقط إنفاق عدة ملايين من الدولارات، لاستبدال مصدّق بالشاه .. أدركنا وقتها أهمية فكرة القنّاص الاقتصادي . لم يعد علينا أن نقلق للتهديد بحرب مع روسيا، إذا كنا نقوم بعملنا بهذه الطريقة .. كانت المشكلة هي كون كيرميت روزفلت عميلا للمخابرات المركزية الأمريكية، أي موظّف في الحكومة.. فإذا انكشف نشاطه في تلك النقطة، كنّا سنواجه الكثير من المتاعب " . و من هنا، كان قرار أن تجنّد المخابرات المركزية، أو وكالة الأمن القومي، العملاء الذين يصلحون كقنّاصين اقتصاديين، ثم ترسلهم للعمل لشركات استشارية خاصة، أو مؤسسات هندسية، أو شركات مقاولات، لكي لا تكون هناك عواقب تضر بالحكومة، في حالة اكتشافهم

قروض لا يمكن سدادها

ثم يقول بيركينز أن بداية عمله (كقنّاص )، كانت مع شركة تشاس مين في بوسطن . كان عدد العاملين يصل إلى ألفي موظف، و عمل هو كرئيس الاقتصاديين، مع 50 موظفا يعملون تحت قيادته . ثم يقول " لكن وظيفتي الحقيقية كانت عقد الصفقات .. كانت إقراض بعض الدول قروضا هائلة، أكبر من أن يستطيعوا سدادها . من بين تلك القروض، مثلا بليون دولار لدولة مثل إندونيسيا أو أكوادور، و كان على تلك الدولة أن تعيد 90% من ذلك القرض إلى شركة أو شركات أمريكية، مثل هاليبورتن أو بيكتيل،، لإنشاء بنية تحتية.."، و يقول بيركينز أن تلك المشروعات لم تكن تفيد غير قلة من العائلات الأكثر ثراء في تلك البلاد .. دولة مثل إكوادور تدفع أكثر من نصف دخلها القومي لتغطية الدين . و عندما تفشل الدولة في تدبير المال اللازم، و نكون في حاجة إلى المزيد من البترول، يتقدّم القنّاص ليقول للمسئولين في إكوادور " أنظروا ..أنتم غير قادرين على دفع الدين، بيعوا لشركاتنا غابات الأمازون الممطرة، المليئة بالبترول "، و النتيجة هي أن تصبح تلك الدول عبدة للإمبراطورية الأمريكية

ضمير القنّاص .. مرن

منذ سنوات، أعلن بيركينز، أنه يعد كتابا بعنوان " ضمير قنّاص اقتصادي " في تسعينيات القرن الماضي، فأسرعت إحدى شركات المقاولات الكبرى، و ساومته عارضة نصف مليون دولار، مقابل عدم نشر الكتاب، و في هذا يقول " لم تكن رشوة، لقد تقاضيت المبلغ كمستشار للشركة، و هذا شيء قانوني، لكنّي لم أفعل شيئا لتلك الشركة ّ " . و عندما أبدت آمي جودمان اندهاشها، قال : عندما عينتني وكالة الأمن القومي، وضعوني في جهاز كشف الكذب ليوم كامل .. و اكتشفوا جميع نقط ضعفي، و استخدموا معي أقوى عقاقير حضارتنا ... الجنس، والنفوذ، و المال
و يستطرد بيركينز قائلا : أنا أنتمي إلى عائلة ذات تاريخ قديم في نيو انجلاند، تؤمن بالمذهب الكالفيني،
الفرنسي البروتستانتي، و تربيت على قيم أخلاقية قوية .. أعتقد أن قصتي توضّح كيف يمكن لهذا النظام، و هذه العقاقير القوية من جنس ومال و سلطة أن تغري البشر .. و هذا هو ما جعلني آخر الأمر أكتب كتاب "اعترافات قنّاص اقتصادي" لأن بلدنا يحتاج أن يعرف . لو أن شعب هذه الأمة فهم حقيقة سياستنا الخارجية، و حقيقة المعونات الخارجية، و كيف تعمل مؤسساتنا، و أين تذهب أموال الضرائب، أعرف أننا سنطالب جميعا بالتغيير

كيف مات تورريجوس ؟

عمر تورريجوس، كان رئيس دولة بنما . و كان قد وقّع اتفاقية حول قناة بنما مع كارتر . ثم بدأ تورريجوس الحديث مع اليابان لبناء قناة في مستوى البحر، و أبدت اليابان استعدادها لتمويل بناء تلك القناة . و كان هذا مثار غضب شديد في شركة بيكتيل، التي كان رئيسها في ذلك الحين جورج شولتز، و مستشارها الأعلى كاسبر واينبيرجر . يقول بيركينز عندما ألقي بكارتر، و جاء ريجان، خرج من بيكتيل كلّ من شولتز الذي أصبح وزيرا للخارجية، و واينبيرجر الذي أصبح وزيرا للدفاع، و كانا غاضبين للغاية من تورريجوس، و حاولا الضغط عليه لكي يوقف اتصالاته باليابان، فلم ينجحا .. لقد كان صاحب مبدأ، و هكذا فقد حياته في انفجار طائرته لتي كان بها قنبلة داخل جهاز تسجيل
و يحكي بيركينز عن رد فعل هذه الواقعة على حياته كقنّاص اقتصادي، و بداية إحساسه بضرورة إجراء تحوّل في حياته، و في هذا يقول :كنت أنا الذي يعمل معه، و أدركت أننا معشر القنّاصة الاقتصاديون قد فشلنا

مؤامرات البنك الدولي
و عندما سألته آمي عمّا إذا كان قد عمل مع البنك الدولي، أجاب : بشكل لصيق جدا جدا .. فالبنك الدولي يوفّر معظم الأموال التي يستخدمها القنّاصة الاقتصاديون، هو و صندوق النقد الدولي . لكن عندما وقعت ضربة 11 سبتمبر، أصابني انقلاب داخلي . و أيقنت بضرورة البوح بالقصة، لأن واقعة 11 سبتمبر هي النتيجة المباشرة لما يفعله القنّاصون الاقتصاديون . و الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن تشعرنا بالأمان في هذه الدولة، و نحسّ بالرضا عن أنفسنا، هو أن نستخدم هذه النظم التي أوجدناها من أجل خلق تغيرات إيجابية في أنحاء العالم .. و أعتقد صادقا أن بإمكاننا أن نفعل ذلك ..و أعتقد أن البنك الدولي و المؤسسات الأخرى يمكن أن تعدّل مسارها، و تفعل ما قامت أصلا لتفعله .. و هو مساعدة البلاد المطحونة في أنحاء العالم كي تعيد بناء ذاتها

هل بدأت تتضّح لكم صورة ما تفعله الولايات المتحدة في حقيقة الأمر ؟

No comments:

Post a Comment