مقال لم ينشر سابق لفضيحة تعديل الدستور
دستور بلا مستقبل !.. هل هذا ممكن ؟
..دعـوة إلى التوقـّف عن العبـث بالدســتور
و ترك أمره إلى جمعية عمومية من الشعب المصري
الدستور .. بين التراضي و الأمل
هل يمكن أن يتّفق الجميع : مفكّرون، و جامعيون، و رجال سياسة، و إعلاميون..قضاة و خبراء قانون دستوري .. رئاسة، ومجلس شعب و شوري، و حكومة، و حزب وطني، و أيضا أمانة سياسات .. أن يتّفق هؤلاء جميعا على إمكان التفكير في تعديل الدستور، وفقا للمصالح القريبة، في غياب أدنى فكرة عن مستقبل البشر فوق أرض مصر، على مدى 25سنة على الأقل ؟! .. و دون أن نحاول التعرّف على طبيعة النظم الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية لمجتمع المعلومات التي يتصاعد تطبيقها، و التي سيتعامل معها الدستور، و يرسم حياة الشعب المصري من خلالها ؟
لقد كنّا نعترض على مجرّد التفكير في استراتيجية أو خطّة ما، لا تستند إلى رؤية مستقبلية لمصر، تدخل في اعتبارها التحولات التي تطرأ على حياة البشر، مع زحف مجتمع المعلومات، و أثر ذلك على الحياة الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية في مصر .. فما بالكم بالدستور الذي يفترض فيه أن يحكم مختلف الخطط و الاستراتيجيات ؟
مرجعيات فقدت صلاحيتها
المشكلة الحقيقية التي تواجهنا في كل ما نفكّر فيه ـ و إعادة صياغة الدستور من بين ذلك ـ هي أنّه حتّى عندما نحاول أن نتناسى المصالح الضيّقة لكل منّا، يكون اعتمادنا على مرجعيات تاريخية فقدت صلاحية التعامل مع الواقع الحالي ..كما أن النقيصة الكبرى في حياتنا، و التي تعوق قدرتنا على إرساء أسس رؤية مستقبلية لمصر، هي غياب منهج التفكير العلمي المعاصر .. المنهج العلمي، الذي يحل إشكالية تضارب الأحلام و الأماني مع الواقع . و الذي يساعدنا على التوصّل إلى رؤية مستقبلية طموحة، و واقعية في نفس الوقت .. و أدوات هذا التفكير العلمي المعاصرة، مثل التفكير الناقد، و التفكير الابتكاري
نحو دستور .. له مستقبل
الدستور، يجب أن يلبّي مطلبين : التراضي و الأمل
أولا : التراضي = قبول من جانب الأغلبية، و ضمان دعمها لتطبيقه ◄ و الوصول إليه يكون بالممارسة الديموقراطية الأمينة، و تعميم الجدل البنّاء = مما يعني الاستفادة من تجارب الماضي و الحاضر
ثانيا : الأمل = الطموح، و الحلم بمستقبل أفضل◄ و الوصول إليه يكون عن طريق رؤية مستقبلية شاملة لمصر = مما يعني رصد وفهم مرحلة التحولات الحالية المتلاحقة، و إدراك العلاقات المتبادلة بين هذه التحوّلات، للتعرّف على القوانين التي تحكم انتقالنا من عصر الصناعة إلى عصر المعلومات . على أمل الاسـتفادة من اندفاع تيار التطور البشري الذي يعمّ العالم
السؤال الذي يطرح نفسه هنا
هل هذا ممكن ؟.. هل نستطيع في مصر أن نلتزم بهذه الجدية عند التفكير في الدستور الذي نطمح إليه، في الفترة المحدودة، و الظروف الخاصّة، التي فرضها النظام الحاكم ؟
الإجابة الأكيدة هي : لا .. لا يمكن
و الحل ؟ :هو الإجماع على ترك الدستور الحالي على حاله، بعيدا عن عبث النظام الحاكم و رجاله و لجانه .. و تأجيل عملية تعديل الدستور برمّتها .. فما يضير أن نتحمّل سنوات معدودة ما فرض علينا للعديد من العقود ؟
على أن نبدأ من الآن، في سنوات التحمّل هذه، جهدا جادا لتكوين كيان جديد ـ بعيدا عن الأحزاب الحالية فاقدة المرجعية ـ أشبه بجمعية عمومية للشعب المصري، تفكّر في دستور مصري جديد يحقق ما أشرنا إليه من : التراضي و الأمل
راجي عنايـت
No comments:
Post a Comment