Friday, February 5, 2010

عجائب العائلة الجمهورية

نهضة مصر ـ سبتمبر 2005 ـ راجي عنايت

.. عناصر أمانة السياسات
استنساخ دقيق
! لعناصر الحزب الوطني المزمنة

أخشى ما أخشاه أن يكون النظام الحاكم غير مصدّق لما جرى و يجري على أرض مصر .. و أشعر أن أركان الحكم التقليدية ما زالت تواصل نفس التفكير السابق و الحيل البالية القديمة، التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه، و التي يمكن أن تقودنا في الظروف الحالية إلى كارثة . الجميع يتوقّع من الرئيس مبارك، و هو على أعتاب الولاية الخامسة، أن يلتزم بما قاله، أثناء و بعد حملته الانتخابية، و أن يقدّم المؤشرات التي تجعلنا نصدّق نيّته على الوفاء بما وعد .. لماذا أشعر أنّه محاصر من جميع أطراف الصراع بين القديم و الجديد، رغم عدم اختلاف الجديد عن القديم في شيء ؟
واقعة استقالة فاروق حسني وزير الثقافة، بسبب جريمة الإهمال البيّن في مأساة قصر ثقافة بني سويف.. ثم عدم قبولها، دون تقديم أي بديل، أو تفسير .. تؤكّد أن الضغوط الداخلية المتناقضة في أروقة الحكم بلغت حدّا، أصاب النظام الحاكم بنوع من الشلل، و عدم القدرة على إدراك خطورة القرارات التي يتّخذها . و هذه واحدة من الوقائع العديدة التي تؤكّد مخاوفي
مصدر مخاوفي أننا لم نعد نعلم من الذي يحكم ؟.. و لمن يكون ولاء الوزراء الحقيقي ؟
و من أهم عناصر هذه الفوضى، الكيان مجهول الهوية، فاقد شهادة الميلاد، الذي قام جمال مبارك بزرعه في جسم الحزب الوطني سرا، حتّى انفجر أمام أعيننا فجأة، كما يفعل عشّ الغراب ! . كيان مجهول المنشأ، ملتبس العناصر، تآمري الطبيعة
!!الوليد المعوّق

رغم رفضي للطريقة التآمرية التي اتسم بها اختراق جمال مبارك للحياة السياسية، فقد كنت أتصوّر أنّه بشبابه و شباب من جلبهم، سيفيد في تخليصنا من العناصر الانتهازية و الفاسدة المزمنة التي تتحكّم في مقدرات الحزب . و نتيجة للسرّية التي أحاطت بنشاط جمال مبارك، سواء في مناورات وراثة الحكم أو في تشكيل أمانة السياسات، لم يتح لأحد أن يتعرّف على أفراد هذا التشكيل السرّي الماسوني
إلى أن بدأت حملة الانتخابات الرئاسية، و بدأت التعرّف على عدد كبير من أفراد هذا الحزب الخاص، على صفحات الصحف و شاشات التلفزيون . كما توصلت إلى أوراق لجنة السياسات عن طريق الإنترنيت، و التي يفترض أن تحمل فكر هؤلاء الشباب، بالنسبة للنظم الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية التي يسعون إلى تطبيقها على الواقع المصري فأصبت بخيبة أمل كبرى لقد اكتشفت أن هذا الوليد الجديد المعوّق، ناتج عن نوع من الاستنساخ الدقيق لكبار المعوّقين من الحرس القديم، و لكن بلكنة أمريكية، و دون رباط عنق
شباب يبحث عن مستقبل

في أكثر من حديث صحفي، و أذكر بالتحديد في حديث خاص لمكرم محمد أحمد بمجلة المصور، تباسط الرئيس مبارك، و تحدّث عن عدّة مسائل شخصية شائكة، و كان من بينها نشاط نجليه . و أعتقد أن المعني بالسؤال في ذلك الحديث، كان علاء مبارك، و عملياته المالية التي أثارت الكثير من اللغط . قال مبارك ما معناه أنهما كأي شباب مصري يبحثان عن مستقبلهما
كان جمال مبارك في ذلك الوقت في بريطانيا، بعيدا عن الأضواء المصرية، يشتري ديون مصر
كان يساوم الدائنين حول ديون مصر شبه الميّتة، نتيجة للوضع الاقتصادي المصري الصعب في ذلك الوقت، و هو عمل مشكور، لولا أن وضع جمال كنجل للرئيس يحول دون تجرّؤ جهات المراجعة و المحاسبة على مناقشة تفاصيل الشراء، و الأرقام المتصلة بذلك
لم نسمع بعد ذلك عن جمال مبارك إلاّ عندما طفت موجة توريث الحكم لأبناء رؤساء الجمهوريات، في سوريا، و مصر و ليبيا و اليمن . و كان نجاح المحاولة السورية هو الذي أثار الخوف من التفكير في تطبيقها عندنا . و الحق يقال أن الرئيس مبارك لم يبد عليه الحماس لمثل هذه الفكرة، و استبعدها أكثر من مرّة علانية .. بقوة أحيانا، و بتردد أحيانا أخرى، عندما يشتد ضغط الأسرة الجمهورية ( على وزن الأسرة المالكة )، فيعود إلى القول بأنه إذا أراد جمال أن يرشّح نفسه فهذا حقّه كمواطن مصري

الظهور من جوف الحزب

ثم كان الظهور المفاجئ من جوف الحزب الوطني ..لقد استفاد جمال مبارك من تجربة ديك تشيني في تأسيس حركة المحافظين الجدد، و أمضي فترة كمون داخل الحزب يجمع الأنصار، و يقيم بعض المشروعات التي تتيح له الوصول إلى التنظيمات القاعدية للحزب، في غفلة من قيادات الحزب التقليدية، التي تصورت ـ و على فمها ابتسامة عريضة ـ أن الشاب النشيط يتسلّى
و بدأ الظهور الرسمي، عند الإعلان عن أمانة السياسات، بكل ما أحاطها من غموض، ضاعف من إحساس الناس بالمؤامرة . و كما أعلن المحافظون الجدد عن مشروع الأمريكي للقرن، بعد تولّي بوش الابن، أعلن جمال مبارك عن،
سياسة الحزب الوطني في التوجّه نحو مجتمع المعرفة، و عن استشراف المستقبل
عندما قرأت العناوين لأول مرّة، أحسست أننا بصدد شيء شبابي جيد، منسجم مع مقتضيات العصر و مفاهيمه، يمكن أن يخرجنا من الأمّية السياسية السائدة في أدبيات أحزابنا السياسية، و في مقدمتها الحزب الوطني الديموقراطي .. لم يكن بإمكان قيادات الحزب الوطني، الذي قام ـ منذ بدايته أيام السادات ـ باعتباره تجمّعا للمستفيدين و أصحاب المصالح، أن تشغل بالها، أو تتفوّه، بعبارات استشراف المستقبل، و التوجّه نحو مجتمع المعرفة . لكن صدمتي كانت كبيرة عندما قرأت أوراق اللجنة و برامجها بدقّة .. و قررت أن أناقشـها بالتفصيل لأوضّح سطحيتها، و افتقادها للرؤية الشاملة التي يمكن أن تستند إليها
ثم جاءت الحملة الانتخابية للرئيس مبارك .. و انشغل الجميع بها، و كان الانشغال الأكبر من نصيب أمانة السياسات، التي بدأ ظهور نفوذها، و مستوى عناصرها، و حجمها السياسي الحقيقي، و قدرتها على إعادة ترتيب كل شيء وفقا لمصالح مجموعتها الصغيرة، بالضبط كما تفعل جماعة المحافظين الجدد في أمريكا
!! سوسولوف الأمانة

أراد جمال مبارك أن يصنع من حملة إعادة انتخاب الرئيس مبارك نصرا مؤزرا، يتيح للتنظيم السرّي أن يطفو إلى السطح، في إعلان مسموع يتيح له أن يعيد توزيع مفاتيح السلطة، بحيث يقتصر تولّيها على أفراده المقرّبين من الزعيم الجديد .. فماذا كانت النتيجة ؟
لقد كشفت هذه الحملة ـ مبكرا ـ ضعف العناصر التي دفعتها الأمانة إلى شاشات التلفزيون ..و على سبيل المثل و ليس الحصر، الورقة الرابحة التي طرحها جمال مبارك لتواجه المواقف المناهضة، ( سوسولوف ) أو ( فوكوياما ) أمانة السياسات د. محمد كمال، الذي بدا متخاذلا .. و رسب في أول اختبار، عندما قالت له المذيعة أن الناس تتساءل كيف سيحقق مبارك و عوده، و لماذا لم يحقق أي منها على مدى 24 سنة ؟، ارتبك فوكوياما، و تكلّم في أي شيء إلاّ الرد على السؤال المطروح .. ثم ظهر في برامج آخر، تفضحه لغة الجسد، يخفى المناورة و تفادي الحقائق بالنظر إلى أسفل أثناء الحديث
و تتابعت عمليات سقوط عناصر الأمانة .. منصور عامر الذي ظهر ليدافع عن الحزب الوطني، انكشفت أفعاله المدانة على الملأ، في مشروع بورتو مارينا .. دكتور مصطفى علوي، الذي كاد أن يتهاوى على الشاشة من فرط ظهوره المتكرر كالجوكر في العديد من الندوات، و الذي بحّ صوته و هو يدافع عن انتخابات الرئيس و عن الحزب الوطني و عن أمانة السياسات، بلع لسانه، و أطاع التوجيهات، فاختفى عن الأنظار في أعقاب جريمة حريق صفوة الحركة المسرحية للثقافة الجماهيرية، التي يرأسها
لم يفعل هؤلاء الشباب ما يزيد عمّا فعلته القيادات القديمة للحزب، ممّا رجّح فكرة الاستنساخ .. و لعل خير ما يدعم هذه الفكرة، ظهور مندوبا لجنة السياسات على القنوات التلفزيونية، جهاد عودة، و عبد الله كمال، كعناصر مستنسخة من القيادات القديمة للحزب الوطني

المضحك المبكي

بعد جميع ضروب القصور و الفشل هذه، حدث ما أصفه بالمضحك المبكي .. و أنا سأنقل بالنص ما نشرته جريدة " المصري اليوم " على صفحتها الأولى، يوم 14 سبتمبر، تحت عنوان " أمانة السياسات تطالب بمشاركة الحكومة في تنفيذ برامج مبارك "، جاء التالي
.. و في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة التزامها بتنفيذ كل ما ورد في البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك، بدأت بالفعل منذ أمس الأول في عقد اجتماعاتها الوزارية لوضع آليات التنفيذ ... و طلبت أمانة السياسات بالحزب الوطني، أن تكون الخطط و البرامج و الآليات التنفيذية عن طريقها هي و بمعرفتها، ثم تقدمها بعد ذلك للحكـومة للتنفيذ. كما طالبت بأن يشـارك ممثلـون عنها في الاجتماعات الوزارية التي تناقش آليات التنفيذ للبرنامج الانتخابي للرئيس بصفة
دائمة، حيث من المقرر أن يشارك رئيسها جمال مبارك في الاجتماعات المقبلة " (!!!)
.. كلام غريب
و هذا يعني أن جمال مبارك لم يكتف باختيار معظم عناصر هذه الوزارة، وهو هنا يعبّر عن عدم اطمئنانه لحسن فهمهم و جودة أدائهم فقرر أن يفرض عليها وصاية شخصية دائمة، لم تتوفّر للسير مايلز لامبسون في زمن الاحتلال البريطاني .. بموجب أي شرع أو تقليد ؟ .. أم أن هذا نصّ وارد في إعلام الوراثة الذي لم نطّلع عليه ؟
نظرة يا ســت

No comments:

Post a Comment