ـــــــــــــــــــــ
ما يجب أن يعرفه أقطاب الحزب الوطني
قبل محاولة التصدّي لموجـة البرادعي
ـــــــــــــــــــــــ
ما يجب أن يعرفه أقطاب الحزب الوطني
قبل محاولة التصدّي لموجـة البرادعي
ـــــــــــــــــــــــ
العالم اليوم ـ 2004 ـ راجي عنايــت
.. المجتمع المدني
و ديموقراطية المشاركة
المقصود بديموقراطية المشاركة، هو الشكل الجديد للممارسة الديموقراطية المتوافق مع احتياجات مجتمع المعلومات، و طبيعة البشر الذين يعيشون فيه . بالضبط، كما كانت ديموقراطية التمثيل النيابي متوافقة مع احتياجات مجتمع الصناعة، و طبيعة البشر في عصر الصناعة . و من المهم أن نفهم ما تعنيه كلمة المشاركة، حتّى نرى طبيعة العلاقة بينها و بين المجتمع المدني
في ديموقراطية المشاركة، يمارس الفرد اختياره، و يتّخذ قراره، في كلّ ما يؤثّر على حياته، بنفسه، دون أن ينوب عنه أو يمثّله من يقوم بذلك . و ليست هذه هي السمة الأساسية الوحيدة في ديموقراطية المشاركة، ذلك لأنّها تقوم على إعادة بناء هياكل صنع القرار، بحيث يحدث التغيير الإداري الضروري، لكي تهبط نسبة عالية من مسئولية اتخاذ القرار من المستوى الأعلى عند القمّة، القواعد في أماكن حياتها
و لكي يصبح الفرد قادرا على اتخاذ القرار السليم في أمور حياته، يحتاج ما نشير إليه دائما من تعليم يقوم على المعرفة الشاملة، و الابتكار و الإبداع، و يسقط ما اعتدنا عليه من عمليات التلقين، و تعجيز العقل . كما يحتاج إلى إعلام يتميّز بالشفافية، و بالقدرة على طرح ما يعتمل في القواعد من أفكار و توجّهات، و ردود أفعال، و أحلام و أماني، حتّى يمكن للقيادات السياسية أن تتعرّف على حركة التحوّل النشيطة في القواعد، لكي يتاح لها أن تتخذ القرارات العامة السليمة، في الأوقات المناسبة
و هنا يأتي دور المجتمع المدني، كتمهيد طبيعي للتحوّل من الديموقراطية النيابية، إلى المشاركة
السبيل إلى المواطنة
يقول أستاذ العلوم السياسية، بنجامين باربر " بدون مجتمع مدني قوي و عفي، لن يكون هناك مواطنون، سنجد فقط مستهلكين للسلع، أو ضحايا لقهر الدول .. و : بدون مواطنين لا توجد ديموقراطية
و يتساءل الكاتب الاسكتلندي، دافيد ماكليتشي " متى تنقل حكومتنا المسئولية و السلطة إلى الأفراد ؟"، ثم يستطرد :نحن أفراد مسئولون، قادرون على اتّخاذ قراراتنا الخاصّة، و صياغة مستقبلاتنا الخاص لسنا مجرّد تروس في ماكينة الدولة، و لكن عن طريق قبولنا الطوعي المتبادل للقوانين، و المؤسسات التي تتضمّن المجتمع المدني، مدركون أن هذه المساواة في ظل القانون توفّر لنا أفضل الفرص لتحقيق أهدافنا الشخصية و الجماعية .." . أفكار هذا الكاتب تعكس فهما عميقا لجوهر الممارسة الديموقراطية في مجتمع المعلومات، و هو يرى أن دور الحكومة ضروري، و لكنه محدود . و الحكومة لم تقم لكي توجّه حياة الناس، بحيث تتفق مع أهدافها السياسية ـ كما يعتقد مسئولوها ـ بما تتضمنه تلك الأهداف من خليط الاستراتيجيات و الأهداف و الخطط . فالحكومة موجودة أساسا لتوفير الظروف التي تسمح لأفراد الشعب أن يتحكّموا في حياتهم الخاصّة، و أن يختاروا أهدافهم الخاصة .. ثم يقول : و بكلمات أخرى، يجب أن تكون اسكتلندا عبارة عن مجتمع يتشكّل وفق حركة البشر و أفعالهم، و ليس التصميمات الحكومية
و يشير ماكليتشي إلى مسألة محورية، عندما يقول أن القوّة العظمى لمثل هذا المجتمع تنبع من تنوّعه و تباينه . التوجيه من أعلى إلى أسفل، يخلق النمطية و القولبة و السطحية، بينما نحن نبحث عن التقدّم، و الابتكار، و المستويات العالية التي تنبع من الجمع بين : التنافس، و التعاون، ممّا يميّز المجتمع الحرّ في أحسن أحواله
ما هو المجتمع المدني ؟
في الأمم المتحدة، توجد إدارة إعلام، تتعاون مع " المنظمات غير الحكومية "، و هو الاسم الذي اختارته للتعبير عن مؤسسات النشاط المدني ( و سنشرح فيما يلي من حديث قصور هذه التسمية ) . فماذا تقول الأمم المتحدة ؟ : المنظمات غير الحكومية، مجموعات طوعية، لا تستهدف الربح، ينظّمها مواطنون على أساس محلّي أو قطري أو دولي . و يتمحور عملها حول مهام معيّنة، و يقودها أشخاص ذوو اهتمامات مشتركة، و هي تؤدّي طائفة متنوّعة من الخدمات و الوظائف الإنسانية، و تطلع الحكومات على شواغل المواطنين، و ترصد السياسات، و تشجّع المشاركة السياسية على المستوى المجتمعي . و هي توفّر التحليلات و الخبرات و تعمل بمثابة آليات للإنذار المبكّر، فضلا عن مساعدتها في رصد و تنفيذ الاتفاقيات الدولية . و يتمحور عمل بعض هذه المنظمات حول مسائل محدّدة، من قبيل حقوق الإنسان، أو البيئة، أو الصحّة
و قبل أن ننتقل إلى تعريفات أخرى لنشاط المجتمع المدني، نورد رأي أستاذ العلوم السياسية الأمريكي بنجامين باربر، الذي يرى إعادة تسمية المنظمات غير الحكومية التي أخذت بها الأمم المتحدة، فيقول :أي تسمية فظيعة هذه؟!، لا يمكن أن ينتج شيء جيد من أشياء يجرى تعريفها سلبيا . و هي بالقطع أكبر من كونها ( غير حكومية )، فهي شعبية . و هي أيضا غير تجارية، و غير مؤسسية، و مع ذلك فهي ما تزال تطوّعية . و هي ليست خاصّة، بمعنى أنّها خصوصية دون أن تكون ممانعة أو خاضعة للدولة . و هي لا تخضع للدولة، دون أن تتنازل عن اهتمامها العام بالعـدالة و الصالح العام . أعتقد أنّها مصدر قوّتنا الكبرى . إنها ليست غير حكومية، إنّها مدنية التوجّه . دعونا نطلق عليها اسم التنظيمات المدنية )، أو اسم الاتحادات المدنية
و هذا يضعها في مكان بين الحكومات المنتفخة، و المؤسسات الاقتصادية الخاصّة المنتفخة أيضا، محددة مجالا حيويا يتيح للحرية أن تفرخ و تزدهر فبه
مركز المجتمع المدني
مركز المجتمع المدني، منظمة عالمية، مقرّها مدرسة الاقتصاد بلندن، تتخصّص في أبحاث المجتمع المدني، توصّلت خلال آخر مؤتمراتها إلى تعريف للمجتمع المدني، بهدف اتخاذه دليلا و هاديا في نشاط الأبحاث و التعليم . و يقول : المجتمع المدني اصطلاح يشير إلى الحلبة التي يجري على أرضها النشاط الجماعي، غير الإجباري، حول الاهتمامات و الأهداف و القيم المشتركة . من الناحية النظرية، تكون أشكالها المؤسسـية متميزة عن الأشكال المؤسسية للدولة، و الأسرة، و السوق .. و إن كانت الحدود ـ من الناحية العملية ـ بين الحكومة و المجتمع المدني، و الأسرة، و السوق، غالبا ما تكون مركّبة، و مهتزّة، و مجال للتفاوض ... المجتمع المدني، عادة ما يتضمّن تنوّعا من الكيانات، و القوى الفاعلة، و الأشكال المؤسسية، تختلف فيما بينها في درجة تنظيمها، و استقلالها، و قوّتها . و في إطار الجمعيات المدنية، تنشط منظمات عديدة، مثل الجمعيات الخيرية المسجّلة، و منظمات التنمية غير الحكومية، و جماعات المجتمع، و منظمات المرأة، و التنظيمات القائمة على العقائد الدينية، و الرابطات المهنية، و الاتحادات التجارية، و جماعات مساعدة الذات، و الحركات الاجتماعية، و اتحادات نشاط الأعمال، و جماعات التضامن و الدفاع
لماذا المجتمع المدني ؟
يتساءل مركز المجتمع المدني في تقريره الأخير : لماذا المجتمع المدني ؟ .. ما معنى هذا الاهتمام المفاجئ بالمجتمع المدني ؟ .. لعل البعض يذكر أن التسمية كانت " موضة " في القرنين 18 و 19، لكنها غرقت في الاستخدامات الخاطئة، و أصبح الأمر مجالا لاهتمام علماء التاريخ . قد تكون الإجابة واضحة لنا، لكنّها حافلة بالمعاني الضمنية و الاحتمالات . لزمن طويل، آمن علماء الاجتماع بأننا نعيش في عالم يضم قطاعين : السوق أو الاقتصاد من ناحية، و الدولة أو الحكومة من الناحية الأخرى . و تاهت فكرة احتمال وجود قطاع ثالث بين السوق و الدولة
بالطبع، كانت هناك العديد من المؤسسات الخاصّة التي تخدم أغراضا عامّة .. اتحادات تطوعية، جمعيات خيرية، نشاطات لا تستهدف الربح، مؤسسات و تنظيمات لا تنسجم مع فكرة " الدولة ـ السوق " . و مع ذلك، فحتّى وقت قريب كانت العلوم الاجتماعية تهمل، بل و تنسى، مؤسسات ذلك القطاع الثالث
No comments:
Post a Comment