Tuesday, March 30, 2010

سر انتخابات 2005

نهضة مصر – الثلاثاء 13/12/2005 – راجي عنايــت

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حتّى اليوم .. مازالت وسائل الإعلام عندنا تتساءل
عن سر الانقلاب على الممارسة الديموقراطية
في منتصف انتخابات عام 2005
رغم إنني كشفت ذلك السر في نفس السنة
ـــــــــــــــــــــــــــ
العلاقة بين
زيارة كونداليزا لأوروبا
و تزوير انتخابات2005


سألني : هل تعرف سرّ التحوّل الذي طرأ على موقف النظام الحاكم في الانتخابات البرلمانية؟ .. أجبت : لقد شعر النظام أنه سيفقد السيطرة على المجلس فلحس كل وعوده و تصريحاته، و أعطى الأمر بالضرب في المليان .. سأل : و متى حدث ذلك ؟ .. أجبت : بدأ في إعادة المرحلة الثانية، و تجلّى في المرحلة الثالثة بأكملها .. سأل : و لماذا لم يبدأ في المرحلة الثانية، بعد أن ظهرت الرؤية في المرحلة الأولي .. أجبت : لا أدري
الذي عرفته بعد ذلك، يعطي إجابة دقيقة حاسمة لسرّ توقّف النظام عن ادّعاء الشفافية و الأمانة الانتخابية، و إعطائه الأوامر بالضرب في المليان، فبدأت المذبحة التي شهد العالم بأكمله تفاصيلها
التفسير الذي اقتنعت به، له صلة وثيقة بالعلاقة بين الولايات المتحدة و نظام الرئيس حسني مبارك . منذ اغتيال السادات، التزم نظام الرئيس حسني مبارك بتنفيذ المهام و المشـاوير التي تطلبها أمريكا .. و في المرات التي تعكّرت فيها العلاقات مع أمريكا تحت ضغط عربي أو داخلي، سرعان ما كان النظام المصري يعود معتذرا إلى قواعده
مبارك يعلم رأي أمريكا

و الرئيس مبارك يعلم كيف تنظر أمريكا إلى نظام حكمه . ففي عام 2004 صدر عن راند، بالبنتاجون الأمريكي كتاب يضم مجموعة دراسات عن " مستقبل أمن الشرق الأوسط " ، عن الصراعات الدائرة و الاستقرار، و احتمالات التغيير و الإصلاح السياسي . و سأسمح لنفسي بنقل بعض ما ورد متصلا برؤية أمريكا للنظام المصري، في نقاط
أولا : عملية الإصلاح السياسي المصرية، عملية شكلية .. فالحكومة تتدخّل في العملية الانتخابية بالتزوير و الغش على أوسع نطاق
ثانيا : في مصر 14 حزبا رسميا، القليل منها له دلالة سياسية، و كلها مجتمعة لا تستطيع أن تتحدّى الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم
ثالثا : العديد من الحريّات تتاح من الناحية النظرية، لكنها تكون محظورة عند التطبيق
رابعا : الإصلاح السياسي في مصر يبدو أنه يمضي إلى الخلف و ليس إلى الأمام، و يتم من أعلى إلى أسفل، فيسمح النظام بما يخدم مصالحه الخاصّة فقط، و يرفض ما يقلل من قبضته على السلطة
خامسا : أقام الإخوان المسلمون قاعدة دعم سياسي لها دلالة، بالتنظيم و بتقديم خدمات لا تقدمها الدولة . في ظل انتخابات حرّة، سيحظون بأصوات تفوق كلّ الأحزاب، بما في ذلك الحزب الوطني
سادسا : مع استمرار الظروف الراهنة، لا يحتمل أن تستمر حكومة مصر في عملية الإصلاح السياسي

.. السؤال المطروح

و السؤال الذي يطرح نفسه هو : لماذا اتخذ مبارك خطوة تعديل المادة 76 في الدستور، و التي اهتزّت لها قواعد الحياة السياسية في مصر ؟ . الأغلب أنه فعل ذلك تحت ضغط أمريكي .. و لماذا الضغط الأمريكي ؟، هذه قصة طويلة تتصل بسياسات أمريكا في المنطقة، و التي تغيّرت بعد أحداث 11 سبتمبر . المهم، أن الرئيس استجاب للضغط الأمريكي، ثم غمز بعينه تجاه أساطين الأعمال القذرة ( على حدّ قوله )، فاستجابوا مفرغين التعديل من معناه .. و بحيث تبدو المسألة أمام أمريكا أنه يريد التعديل، و لكن يواجه مقاومة من النظام
تكرر توبيخ أمريكا للنظام، نتيجة لتلك اللعبة المكشوفة، فالتزم النظام جانب الحذر في المرحلة الأولى من الانتخابات . و كانت النتيجة مفاجأة للجميع عدا الولايات المتحدة ( انظر دراسة البنتاجون أعلاه )، اكتساح من الإخوان . بدأ الهرج و المرج، و تبادل الاتهامات و الردح الأصلي في أوساط الحزب الوطني، غير أن التصريحات الأمريكية المتوالية أشعرت النظام أن عينها عليه، فأتيح لليوم الأول من انتخابات المرحلة الثانية، أن يمر بدون التدخّل المعتاد من كهنة الحزب، فجاءت النتيجة غير مطمئنة، توحي بأن الإخوان سيواصلون اكتساحهم
! .. لكن حدث ما قلب موازين الأمور، فيما قبل انتخابات الإعادة للمرحلة الثانية

الزيارة المباركة لكونداليزا

رغم كرامات الإخوان، فالثابت أن الحزب الوطني : زاعق له نبي
عندما همّت كونداليزا رايس بزيارة أوروبا، دار لغط شديد حول نشاط يتم في سرية و تكتم لطائرات المخابرات المركزية الأمريكية في المطارات الأوربية، و حول عمليات نقل معتقلين من السجون الأمريكية إلى سجون سرية خاصّة في أوروبا، حيث يتم استجوابهم و تعذيبهم دون التقيّد بالقوانين الأساسية لحقوق البشر . شعرت رايس أن هذه المسألة ستفسد عليها زيارتها، فأنكرت أول الأمر حدوث أي شيء من ذلك .. ثم تحت ضغط التكذيبات الأوربية و الوقائع الثابتة، عادت فاعتذرت عن وقائع التعذيب في السجون الخاصة : و التي اصطلح على تسميتها المواقع السوداء
قبل أن تعتذر رايس، و قبل أن تعلن الولايات المتحدة توقّفها عن سياسة التحقيقات المريبة، مدينة أي موظّف أمريكي يعرّض المعتقلين للمعاملات القاسية .. قامت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بتفريغ السجون الأوربية ( في بولندا و رومانيا و أماكن أخرى ) من المعتقلين، و نقلهم إلى أماكن أخرى .. أين ؟ .. هذا هو السؤال .. إلى مصر و بعض دول شمال أفريقيا
كان وصول الشـحنة البشرية إلى سجوننا، دليل الرضـا الأمريكي المتجدد على النظام.. و على الفور جرت ترجمة ذلك
على شكل عودة إلى تراث النظام الحاكم التقليدي في التزوير و التدمير و تسليط عملاء الأمن على الجميع المرشحين و الناخبين و القضاة ! .. و رغم تصريحات أمريكا برفض التجاوزات التي قام بها الأمن، فقد استعبط النظام، و أصمّ أذنيه، و واصل تخريب العملية الديموقراطية، حتّى نهاية الإعادة للمرحلة الثالثة .. و انتصر الحزب الوطني

بالمستندات .. ع المكشوف
و حتّى لا يتصور أحد من زبانية النظام الحاكم أنني أختلق شيئا سأورد جانبا قليلا جدا مما هو أمامي من حقائق، نشرت كلّها في وسائل الإعلام العالمية، صحف و إذاعات و تلفزيونات، و على الإنترنيت . و سأقتصر هنا على ما يخصنا في مصر من وقائع عمليات التعذيب
سيدني مورننج هيرالد – 8/12 : الشرطة و السلطات القضائية في ثماني دول أوروبية، من بينها السويد و ألمانيا و أسبانيا، بدأت تحقيقاتها، فيما لو كانت المخابرات المركزية الأمريكية قد استخدمت مجالها الجوّي و مطاراتها في رحلات سرّية، لنقل إرهابيون مشتبه فيهم . طلب الاتحاد الأوروبي تفسيرا من الولايات المتحدة. و لم تنتظر الدانمرك إجابة، و ابتداء من سبتمبر الماضي منعت طائرات المخابرات الأمريكية من استخدام مجالها الجوّي . و في إيطاليا بدأ الجهات المختصّة التحقيق فيما زعم من قيام 13 عميل مخابرات أمريكي باختطاف الداعية الأصولي الإسلامي أبو عمر، في فبراير 2003 . و كان عمر قد نقل جوّا إلى مصر، حيث اختفى
الجارديان البريطانية – 6/12 : ممدوح حبيب، المواطن الأسترالي من أصل مصري، يقول محاموه انّه جرى شحنه من الحدود الباكستانية الأفغانية إلى مصر، في طائرة نفّاثة صغيرة بصحبة رجال يتكلّمون الإنجليزية بلكنة أمريكية . و قد بقي في السجن المصري لمدة ستة أشهر، حيث كان يعلّق بخطاطيف، و يضرب، و يعرّض لصدمات كهربائية بمنخس الماشية المكهرب .. و يروي حبيب أنه قد أدخل إلى ثلاث غرف للتعذيب، واحدة مملوءة بالماء حتّى ذقنه، بحيث يكون عليه أن يقف لساعات على أطراف أصابع قدمه حتّى يستطيع أن يتنفّس . و أخرى بسقف منخفض مع ماء يرتفع بمقدار قدمين، مما يضطره إلى الانحناء في وضع مؤلم . و غرفة ثالثة في أرضها القليل من الماء، و على مرأى منه مولّد كهربائي، قال له معذّبوه أنه سيستخدم لكهربته . ممّا دفعه إلى الاعتراف بأنّه ساعد في تدريب من قاموا بهجمات 11 سبتمبر . تم نقل حبيب إلى جوانتنامو .. وفي يناير من هذا العام تم الإفراج عنه لعدم ثبوت أي تهمة، و أعيد إلى زوجته و أطفاله الثلاثة في سيدني
نفس الموضوع في الجارديان: سرد قصة طويلة لمعتقلين جرى خطفهما من ستوكهلم، هما أحمد عجيزة، طبيب 43 سنة، و محمد سرّي 36 سنة، على يد عملاء المخابرات الأمريكية، و نقلا إلى مصر حيث تعرّضا للتعذيب بالصدمات الكهربائية
الإندبيندلنت البريطانية – 5/12 : كتب رايموند ويتكار أنّه من بين الوقائع العديدة و المتزايدة عن عمليات التعذيب التي تقوم بها الولايات المتحدة، توجد قائمـة بسلسلة من " تقنيات الاستجواب المتطوّرة "، التي يستخدمها عملاء المخابرات المركزية الأمريكية في السجون السرّية، من بينها الاقتراب من حد الغرق أو التجمّد، أو الحرمان من النوم، أو اللطم و الضرب، قد ثبت أن واحدا من المعتقلين قد مات متأثرا بهذه الممارسات . و يورد الكاتب ما قاله الكولونيل لورانس ويلكنسون، مدير مكتب كولن باول عندما كان وزيرا لخارجية أمريكا، الأسبوع الماضي، من أنّه يعرف أكثر مكن 70 حالة " وفاة أثناء الاستجواب " للمعتقلين تحت إشراف الولايات المتحدة، حتّى نهاية عام 2002، عندما ترك عمله . و أن هذه الوقائع تضاف إليها المزيد من وقائع ( الإحالة ) الموثّقة، و التي جرى فيها نقل المشتبه فيهم جوا إلى دول الشرق الأوسط، حيث التعذيب و الوفاة في المعتقل تعتبر من الأمور الروتينية . و يضيف الكولونيل الأمريكي نقلا عن عميل مخابرات أمريكية سابق : إذا كنت تريد استجوابا جيدا، ارسلهم إلى الأردن، أمّا إذا كنت تريدهم أمواتا، فارسلهم إلى مصر أو سوريا

* * *

بعد هذه الخدمات غير الإنسانية، يظن النظام المصري أن أمريكا ستظلّ مكسورة العين، متغاضية عن تصرفاته الخرقاء غير المسئولة .. و الرأي عندي أن لدى أمريكا مفاجأة ! .. و من المفيد الإشارة إلى أن أحدا لم يخدم أمريكا، و يستجيب إلى توجيهاتها، مثل صدام حسين .. مفهوم ؟

1 comment:

  1. و الله أنا أرى أن درس صدام حسين مفهوم جدا و بوضوح شديد، و لكن لهم أعين لا يبصرون بها و لهم عقول لا يفقهون بها، فماذا نقول؟!

    ReplyDelete